تتزايد الهجمات الاحتلالية لدولة الاحتلال التركي الفاشي ومرتزقتها على سد تشرين و جسر قره قوزاق بشكل مستمر، و زيادة هذه الهجمات يسلط الضوء على مدى أهمية هذه المنطقة من وجهة نظر جيواستراتيجية ولذلك لا بد من دراسة الأهمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والجغرافية لهذه المناطق.
ويعد سد تشرين وجسر قره قوزاق على نهر الفرات نقطتين مهمتين تحكمان السيطرة على شرق الفرات وغربه وتوفران فرص العبور كما يقع جسر قره قوزاق على طريق إم4 وهو طريق تجاري دولي وفي مواجهة الهجمات على كوباني وعين عيسى والرقة والطبقة ومنطقة الجزيرة بأكملها هي قاعدة استراتيجية لبناء خطوط الدفاع.
وتحيط بمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا باستثناء رأس العين وتل أبيض جدران إسمنتية بارتفاع أربعة أمتار أي أنه يمكن لدولة الاحتلال التركي الفاشي أن تدخل شمال وشرق سوريا من الشمال بإزالة هذه الأسوار وتبدأ هجمات الاحتلال أو من الشرق من خط جسر قره قوزاق وسد تشرين التي تبعد ٢٠ كم جنوباً تبدأ هجوم الاحتلال ولذلك فإن مناطق سد تشرين وجسر قره قوزاق على نهر الفرات تعتبر أهم نقاط المعبر الشرقي الغربي لنهر الفرات وبذلك يتيح الفرصة للسيطرة على منطقة عبور شرق وغرب الفرات كما أن النقاط المحددة لخط الدفاع محلية وهي قاعدة استراتيجية ضد الهجمات المحتملة على كوباني والرقة والجزيرة.
وعلى طول طريق إم4 يصل الطريق من منطقة الجزيرة بعد عين عيسى وجَلَبي إلى جسر قره قوزاق بطول ٥ كيلومترات وإذا استمر الطريق يصل إلى منبج بعد ٢٠ كم. إذا اتجهت شمالاً من مفترق الطرق ستصل إلى كوباني بعد ٢٥ كم، وبعد ٦ كم جنوباً ستصل إلى صِرين ثم تصل إلى تشرين والطبقة والرقة من الجنوب إلى الشرق.
هناك بالتأكيد طرق أقصر إلى الرقة و هي خطوط تل أبيض ورأس العين وتِروازي الواقعة أمام عين عيسى وتعتقد دولة الاحتلال التركي أنها لن تواجه أي مقاومة جدية بعد جسر قره قوزاق ومحيطه ولذلك فهو يريد أن يثبت حكمه هنا إما بطريقة معتدلة أو من خلال الضغط القوي وبهذه الطريقة فإن احتمال حصار كوباني يخلق ميزة للهجمات على الرقة، وبناء ممر للوصول إلى المناطق العربية وتعزيز القدرة على الضغط على الإدارة الذاتية.
الاحتلال بالحيل الدبلوماسية
ومن أجل القيام بذلك حاولوا بهذه الطريقة: كما تعلمون في الأسبوع الماضي تمت مناقشة دون توقف أنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار بين دولة الاحتلال التركي الفاشي وقوات سوريا الديمقراطية وكان أحد أهم العناصر في وقف إطلاق النار هذا هو ضريح سليمان شاه وكان نهج قوات سوريا الديمقراطية معقولاً وإنسانياً، حيث يمكن وضع الضريح هناك كما يمكن وضع حوالي ١٠ أشخاص مناوبين هناك، إلا أن دولة الاحتلال التركي الفاشي لم تقبل بإحضار هذا الضريح إلى هناك بهذه الطريقة وكان الشرط هو أن يتم تسليم المنطقة الممتدة على طول 2,5 كيلومتر على طول جسر قره قوزاق إلى دولة الاحتلال التركي الفاشي ولن يكون هناك أي حواجز في أعلى الجسر وسيكون تحت سيطرتهم وعموماً ستكون الأرض في أيديهم وبشكل عام فإنها سوف تملأ الأراضي التي تسيطر عليها بالأسلحة الثقيلة وتنشر قوة عسكرية كبيرة.
وبطبيعة الحال، نشأت حالة من التوافق ،لأنهم لو اكتسبت هذه الأراضي ضمن الإطار المحدد من خلال الحيل الدبلوماسية دون أي مخاطر ومعوقات لانفصلت كوباني حتى خط عين عيسى ووضعوها تحت الحصار وحتى في ذلك الوقت ربما لم يروا الحاجة إلى مهاجمة كوباني على الفور، لأن كوباني كانت ستكون محاصرة ومعزولة من جميع الجهات ولو أنه هاجم على الفور لربما تلقى احتجاجاً جدياً من الساحة الدولية و من الرأي العام الدولي ولذلك فإن عزل كوباني من خلال حصارها وربط خطوط الطبقة والرقة ودير الزور والاستيلاء على تلك المناطق ثم مهاجمة الحسكة وأخيراً مهاجمة كوباني ربما كان تكتيكهم الأساسي.
ولو أمكن الحصول على الأماكن التي تم تحديدها بالطريقة السلسة لكانت قد وضعت قوة عسكرية كبيرة جداً هناك و لتمكنت من تحقيق النتيجة بسهولة عبر شن هجوم من تل أبيض وبهذه الطريقة تتقدم على طول طريق إم4 مع الهجوم من تل أبيض فإذا التقى أحد جناحيها بجناح قره قوزاق في جلبي فإنها تتجه على الفور إلى الرقة مع الجناح الآخر ،والخطوات من الآن فصاعداً كانت سوف تتبع بعضها البعض مثل أحجار الدومينو وكان من الممكن أن يتم تجزئة المنطقة جزءاً جزءاً ومن ثم احتلالها، و في النهاية سيتم محاصرة الكرد المستضعفين في منطقة الجزيرة مع جميع مكونات الإدارة الذاتية وسيتم إبادتهم جماعياً بكل الأساليب العسكرية إلى جانب الأسلحة الكيميائية.
محاولة السيطرة من خلال الهجمات الاحتلالية
أما الطريقة الثانية فقد أرادوا الاستيلاء على الجسر والمنطقة الواقعة خلفها بهجمات عسكرية وتنفيذ نفس السيناريو من البداية بأسلوب الضغط وبعد أن ادركوا بأنهم لا يستطيعون تحقيق النتيجة بالطريقة الأولى اختاروا الطريقة الثانية ،فقاموا بمهاجمة تلك المناطق لمدة ١٣ يوماً لتحقيق هذا الهدف ،وكانت هذه المنطقة التي تقوم فيها ما لا يقل عن ٥ طائرات مسيرة من نوع SÎHA بالاستطلاع تتعرض للقصف المستمر بالدبابات والمدافع وتم بناء قواعد القوات المسلحة التركية ووضع الدبابات على التلال في منطقة قره قوزاق و لقد احتلت هذه المنطقة علنا وعلى مسمع العالم اجمع وقام جيش الاحتلال التركي الفاشي بالهجوم دون أن يرتدي قناع المرتزقة ومع ذلك، على الرغم من كل شيء لم يتمكن من الحصول على النتيجة.
ويوجد لجسر قره قوزاق أهمية أخرى من الناحية العسكرية و هو الجسر الذي يقع على طريق التجارة الدولي إم4 وحتى هناك إذا تمكنت من السيطرة الكاملة على الطريق السريع إم4 فإنها ستسيطر على تدفق التجارة الدولية وستنشئ نقطة عبور حاسمة من الناحية العسكرية واللوجستية، وستمتلك مفتاح السيطرة على المنطقة من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية.
وعندما يتم الاحتلال فإن كلمتي غرب وشرق الفرات ستختفي وستسيطر دولة الاحتلال التركي الفاشي على المنطقة بشكل كامل.
أهداف هجمات الاحتلال
ويحظى سد تشرين بنفس الأهمية ولها دور مهم في توفير الكهرباء لسوريا بأكملها ويتمتع سد تشرين إلى جانب سد الطبقة بأهمية بالغة من حيث توفير احتياجات المنطقة من الكهرباء وبهذه الطريقة ستسيطر على مصادر الطاقة المهمة بالإضافة إلى ذلك سيكون لحلب ومنبج وكوباني ودير الزور سيطرة استراتيجية وضغط على الموارد المائية في المنطقة بأكملها وتريد دولة الاحتلال التركي الفاشي السيطرة على كل هذه المناطق من خلال التحكم بالمياه وكما هو الحال مع احتلال رأس العين قامت بقطع المياه عن مدينة الحسكة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة كان سيكون له صلاحية استخدام هذا التهديد على كافة المناطق الأخرى وكما هو معروف يعاني مليون شخص في حسكة من ضائقة شديدة بسبب قيام دولة الاحتلال التركي الفاشي بقطع مياه محطة علوك على طول نهر الفرات و مع الأراضي الغنية ستصل إلى مناطق إنتاج زراعي مهمة وتسيطر عليها.
تعتبر سد تشرين وجسر قره قوزاق من أهم النقاط الإستراتيجية في الشمال السوري ليس فقط من الناحية العسكرية بل أيضاً من الناحية السياسية والاقتصادية والبنيوية و بالسيطرة على هذه المناطق لديها القدرة على تشكيل مستقبل جغرافيا أوسع كما إن حماية هذه المنطقة لها أهمية يمكن أن تؤثر على توازن المنطقة بأكمله.
وتُظهِر الأهمية الجيواستراتيجية لهذه المناطق أنها أكثر من كونها هدفاً عسكرياً فهي تتمتع بالقدرة على إعادة تشكيل توازنات القوى الإقليمية.
وقامت قوات الحماية الذاتية التي تقاتل تحت راية قوات سوريا الديمقراطية، وهي تعرف هذه الحقيقة بإفشال هذه الهجمات بمقاومة لا مثيل لها لأنه إذا خرجت المنطقة عن السيطرة، فسيكون لذلك تأثير فوري على ديناميكيات الدفاع لجغرافيا واسعة و إن سلامة كوباني وأمن الدفاع عن الرقة ومنطقة الجزيرة والممر الأمني من دير الزور إلى الحسكة يمكن تحقيقها من خلال حماية هذه المناطق الاستراتيجية ولهذا فإن المقاومة هي في الواقع مقاومة حماية كوباني والرقة والجزيرة.